العرض في الرئيسةفضاء حر

اليمن .. من طاغي إلى أطغى

يمنات

نجيب شرف الحاج

عدن وأبين وحضرموت ولحج واخواتها مشغولات بمصارعة الارهاب والخلايا النائمة و ملاحقة طواحين الهواء و اتمام الفلاش الأخير من مشهد ما قبل التسوية. و مدينة تعز منهكة بأوجاع الحرب و الموت و الدمار ومشغولة بوضع معالم الواقع الجديد و ترسيم حدود و ملامح نفوذ الجماعات و المليشيات والامارات الجهادية المحاربة التي يتنامى نفوذها على حساب غياب و انقراض الدولة في ظل اصرار عجيب من الشرعية و الحكومة على فرض هيبة الدولة و تفعيل مؤسساتها من الخارج و من داخل البلاط الملكي عبر الفضائيات و عبر الهاتف و الايميل و هبر الهبات والمعونات، على طريقة المثل الشعبي (مغدية راكنة على سبغ جارته). بينما أزقة و شوارع العاصمة صنعاء تملاؤها هذه الأيام لافتات اعلانية و دعائية تحمل صور و مقولات للسيد حسين بدر الدين و ارشادات المسيرة القرآنية باهظة التكلفة و الثمن، و الناس غارقين في الظلام والآسى و العناء. في حين ان ربع او نصف تكلفة هذا اللوحات التي تكتظ بها الشوارع تكفي لإصلاح محطتي حزيز و القاع و اعادة التيار الكهربائي الى كل بيت في العاصمة و ما حولها..

يا هؤلاء تكريم السيد حسين بدر الدين لا يكون من خلال طبع مئات الالاف من صوره و مقولاته من المال العام والخزينة العامة! .. بل يكون ذلك من خلال القضاء على الوسائل و الأدوات التي سخرت لمحاربته و النيل منه مثل استخدام أدوات و امكانات الدولة و جيشها و اموالها و كافة اجهزتها و مؤسساتها لصالح الطرف المسيطر على السلطة و الحكم و تسخيرها لقمع ونسف المعارضين و المخالفين و ملاحقتهم و مصادرة و تقييد حقهم في الرأي و المعتقد و التعامل مع الوظيفة العامة و مع عامة الناس وفقا للتبعية و الولاء و الانتماء التنظيمي و المذهبي و المناطقي..

و في ظل هذا الواقع المخيف و المربك يبدو ان مشروع الهيمنة و الاستبداد و الاستحواذ و الاقصاء و خيار و نهج القوة هو الراسخ لدى كافة الاطراف المتصارعة.

و هو بالنسبة لهم اهم و اكبر و اعتى بكثير من مشروع الدولة و من البناء و اصلاح اخطاء و اختلالات الماضي، و هذا هو الواقع و القدر التعيس الذي قدر لهذه البلاد ان تعيشه، و ان ظل من حقبة الى اخرى تمضي بنا كما قال البردوني عليه السلام:

(من طاغي الى اطغى الى اعتى و من وحش الى وحشين) .. الى الاف الطهاشة و الذئاب و الثعالب التغييرية و الثورية المقاومة .. إلى ان وصل بنا الحال الى زمن بائس يتنامى فيه ظهور و فجور الهبارين و المكسرين و المبهررين على حساب انقراض البنائين و العمارين و الطيبين.

للاشتراك في قناة موقع “يمنات” على التليجرام انقر هنا

زر الذهاب إلى الأعلى